غير مصنف
هل يمكن أن يصنع البشر ثقوبًا سوداء لإنتاج الطاقة؟
يمنات – متابعات
في إحدى محاضرات الفيزيائي المشهور ستيفن هوكنغ، فاجأ الحضور بتصريح علمي مذهل، يقول إن البشر يمكن أن يقوموا بتوليد ثقوب سوداء وتحويلها إلى محطات لتوليد الطاقة. هوكنغ ذكر أنه يمكن استغلال الثقوب السوداء الصغيرة لتوليد طاقة كافية لكوكب الأرض.
ما هي التفاصيل؟
العالم الشهير أعلن أن الكون يحتوي على ثقوب سوداء كبيرة في حجم الجبال يمكن أن تمدنا بطاقة هائلة تكفي لمنح العالم كل ما يحتاجه من كهرباء.
وذكر هوكنغ أن الثقوب السوداء الضخمة، التي توجد في قلب المجرات يكاد يكون من المستحيل رصدها. وعلى الرغم من شبه تأكد العلماء من وجودها إلا أن عدم رصد البشر لأحد هذه الثقوب جعل جائزة نوبل بعيدة عن متناول يد العالم الفيزيائي الشهير. ويذكر العالم أن ثقبا أسود صغيرا نسبيًا بحجم جبل، يمكنه أن يقذف من الأشعة ما يمكن تسخيره لمنح الكرة الأرضية ما تحتاجه من الطاقة.
يذكر أنه يوجد 3 أنواع من الثقوب السوداء. أصغرها هو الثقب البدائي ويتراوح ما بين حجم الذرة إلى حجم الجبل. وهناك الثقوب السوداء النجمية وهي الأكثر انتشارًا والأكثر شهرةً والتي يمكن أن يصل حجم الواحد منها إلى 20 مرة حجم الشمس. هذه الثقوب يقول العلماء إنها منتشرة بأعداد كبيرة داخل مجرتنا نفسها. والنوع الأخير هو أكبرها على الإطلاق ويطلق عليها اسم الثقوب العملاقة، والتي تتواجد في مركز المجرات. ويعتقد العلماء أن كل مجرة من مجرات الكون تحوي في مركزها أحد هذه الثقوب السوداء العملاقة.
الأشعة
ويقول هوكنغ إن ثقبا أسود بحجم الجبل يمكن أن يطلق أشعة إكس وأشعة جاما بمعدل 10 ملايين ميغاوات، وهي طاقة كافية لإمداد العالم كله باحتياجاته من الطاقة الكهربائية.
لكن هوكنغ حذر أيضًا من أن الحفاظ على هذا القدر من الطاقة والسيطرة عليه سيكون أمرًا صعبًا دون إطلاق العنان لقوة الثقب الأسود علينا نحن البشر. ويوضح هذه الفكرة قائلًا إنه لن يكون من السهل أبدًا تسخير ثقب أسود صغير داخل محطة لتوليد الكهرباء، لأن الثقب سيسقط إلى الأسفل مخترقًا الأرض باتجاه مركزها حيث يستقر هناك.
هنا يوضح هوكنغ أننا يمكن أن نتغلب على هذه المشكلة نظريًا عبر وضع الثقب الأسود في مكان بعيد بشكل كافٍ عن سطح الأرض مما يجعله آمنًا، لكن في نفس الوقت يجب أن يكون هذا البعد قريبا كفاية كي نحصل على كل الأشعة والطاقة التي يطلقها.
الإمكانية الوحيدة للحصول على ثقب أسود بهذه المواصفات هي عبر وضعه في مدار معين حول الكرة الأرضية.
ويوضح هوكنغ أن العلماء بحثوا كثيرًا عن ثقب أسود يكون صغيرا جدًا بشكل لا يضر الأرض، لكنهم لم يجدوه حتى الآن. ويقول هوكنغ إن هذا أمر طبيعي جدًا، فلو أن العلماء وجدوا هذا الثقب الأسود لكانت جائزة نوبل من نصيبي بالتأكيد، لكني لم أحصل عليها بعد.
الفضاء والأرض
ويوضح هوكنغ أن عدم وصول العلماء لثقب أسود من هذه النوعية حتى الآن في الفضاء لا يعد نهاية المطاف، ولا يعني أننا لا يمكن أن نقوم بتسخير الثقوب السوداء لانتاج الطاقة.
فهناك احتمالية أخرى، فبدلًا من الحصول على ثقب أسود صغير من الفضاء الخارجي، يمكن أن يكون العلماء قادرين على خلق ثقب أسود بحجم بضعة ميكرومترات في الأبعاد الأخرى للمكان والزمان.
ويعود بنا هنا العالم الفيزيائي إلى بعض النظريات التي تحاول وضع تفصيل متكامل للكون، وكان هوكنغ هو أحد أبرز أبطالها. من بين هذه النظريات نظرية الأوتار الفائقة. التي تعد أبرز المحاولات النظرية لدمج النظريتين النسبية العامة لأينشتين وميكانيكا الكم من أجل فهم موحد للكون كله.
ونظرية الأوتار الفائقة هي إحدى أهم النظريات التي تسعى للإجابة على سؤال بسيط “ما هي المكونات الأساسية الأولية غير القابلة للتجزئة أو للتقسيم والتي يتكون منها كل شىء في هذا الكون اللانهائي؟”. الإجابة على هذا السؤال تستلزم بالضرورة أن يكون لنا القدرة على توحيد القوى الأساسية الأربعة التي تهيمن على كل ذرة من ذرات هذا الكون، وهي قوة الجاذبية والقوة الكهرومغناطيسية والقوة النووية الكبرى والقوة النووية الصغرى.
لمزيد من التفاصيل عن هذه القوى تابع هذا التقرير.
وفي ستينيات القرن العشرين تم طرح نظرية الأوتار التي أعلنت أن كل القوى والمواد الموجودة في الكون قد تم صناعتها من مكون واحد، وأن الوحدة الأساسية لتشكيل المادة والطاقة هي أوتار مهتزة وليس جسيمات نقطية مثل الذرات.
وتشير النظرية إلى أن كل وتر من هذه الأوتار يمكنه أن ينثني بطرق كثيرة ومختلفة، لكن النقطة الجسيمية لا يمكنها ذلك. وتشير النظرية إلى أن الطرق المختلفة التي يمكن أن ينثني بها الوتر، هي التي تمثل الأنواع المختلفة من الجسيمات الأولية. فكل وتر يمكنه أن يتذبذب كما يهتز وتر الكمان، وكل نغمة تعطي وصفًا لجسم مختلف عن نغمة جسم آخر. وهذه الأوتار لا سمك لها، والوحدة البنائية الأساسية للإلكترونات والبروتونات والنيوترونات والكواركات هي أوتار حلقية من الطاقة تجعلها في حالة عدم استقرار دائم.
هذه النظرية قدمت لنا فرضًا نظريًا جديدًا لم يتم التأكد منه عمليًا، يشير إلى أن عدد الأبعاد المعروفة هي في الحقيقة 11 بعد وليس 4 كما نصت النظرية النسبية العامة لأينشتين، وهي الطول والعرض والارتفاع والزمن.
وتوضح النظرية أن الأبعاد السبعة الجديدة يلتف بعضها حول بعض، بحيث لا يمكن تمييزها على المستوى المرئي. وإذا ما توصلنا إلى مثل هذه الأبعاد فإننا يمكن أن نولد ثقوبًا سوداء فيها، مما يجعل ضررها على الأرض قليل نسبيًا.
اقرأ هذا التقرير لمزيد من التفاصيل عن نظرية الأوتار الفائقة.
الثقوب السوداء
ويمثل الثقب الأسود منطقة من الفراغ حيث تختل الأبعاد الأربعة المعروفة. وتتميز هذه المنطقة بجاذبيتها الفائقة التي لا يمكن أن تسمح لأي شىء أن يهرب منها بالمعنى الحرفي للكلمة بما فيها الضوء والمجالات الكهرومغناطيسية بأنواعها وجميع أنواع الجسيمات مهما بلغ صغرها.
ويتكون الثقب الأسود عندما ينهار نجم ذو كتلة كبيرة نسبيًا (أكبر من الشمس بأربع مرات تقريبًا) على نفسه وذلك بعد أن تنتصر قوة الجاذبية أخيرًا على قوة الانفجارات النووية للخارج وذلك نتيجة عدم قدرة النجم على إحداث تفاعلات اندماج أخرى نتيجة تحول غالبية ذرات الهيدروجين والهيليوم في النهاية إلى عناصر كبيرة لا يمكن دمجها مثل الحديد والنيكل.
يتحول النجم في هذه الحالة إلى سوبرنوفا أو مستعر أعظم لينفجر القرص الخارجي من النجم ويخرج ما بقي منه طاقة وكأنها صحوة الموت الأخيرة. نواة النجم نفسها تنهار بشدة على نفسها بفعل قوة الجذب الهائلة حتى تنضغط الكتلة في حجم صغير جدًا جدًا.
وبالفعل لم يتمكن العلماء من رؤية الثقوب السوداء مطلقًا، وقد يكون من المستحيل بالفعل رؤيتها، لأنه لا يوجد أي شىء ينعكس منها يمكن أن يتم رصده بأي آلة من آلات الرصد على كوكب الأرض. وما جعل العلماء يؤمنون بوجودها هو نتيجة لملاحظتهم لتلك التأثيرات التي يحدثها الثقب الأسود حوله من انحناء للضوء، أو أن يقترب منه نجم فتبدأ مادة النجم في التسرب نحو الثقب الأسود، فتزداد سرعتها وترتفع حرارتها بشدة وتلمع في وجود الشعة السينية.
للمزيد عن الثقوب السوداء تابع هذا التقرير.